يسلط هذا الكتاب الأضواء مجدداً على نظام الحكم في عهد ا لخلفاء الراشدين ليؤكد بأن سبب تخاذل المسلمين وفرقتهم يكمن في ابتعادهم عن المبادئ الدستورية والدينية والأخلاقية التي رسمتها شريعتهم والتي أثبتت جدواها وصلاحها لحل جميع مشاكلهم ليس فقط أيام حكم الرسول بل في عهد الخلفاء الراشدين أيضاً الذين …هم بشر مثلنا وليؤكد أيضاً بأنه لا مجال لتقدمهم ورقيهم إلا بالعودة لتراثهم وحضارتهم وتقيدهم بالمبادئ المذكورة ولا بأس عليهم في هذه الحالة بأن يستعينوا أيضاً بالمبادئ السياسية الأخرى التي اقتضتها سنة التطور والتي ثبت جدواها وصلاحها في العصر الحديث.
كما أراد أيضاً هذا البحث تبيان أن الخلفاء الراشدين استطاعوا بفضل الوازع الديني والأخلاقي الذي كان قوياً لديهم وبواسطة القليل من المبادئ السياسية أو الدستورية العامة (وليس بواسطة نظام سياسي متكامل يخوض في الجزئيات أيضاً كما هو متبع حالياً) من أن يقدموا للعالم حكماً صالحاً نموذجياً، مما يدل على أنه ليس بالنظم الدستورية الحديثة والمتطورة وحدها تساس الأمم والشعوب وتحقق سعادتها ورفاهيتها وأمنها وإنما بالدرجة الأولى بواسطة الوازع الديني أو الأخلاقي الذي يقتضي توفره لدى الحكام والمحكومين لكي يحدوهم على التقيد بالنظم والقوانين في كل حين وعلى عدم تجاوزها أو التحايل عليها، لأنه متى تجرد الإنسان من إيمانه بربه ومخافته له أو من ضميره ومحاسبته إياه فإن أية نظم أو قوانين تصبح عاجزة عن إشباع رغباته أو ضبط سلوكه الخفي الذي يستحيل على أية سلطة معرفته بالكامل.
