تشكل الحرب الأمريكية الراهنة في أفغانستان والتي بدأت منذ السابع من أكتوبر ” ” اتجاهاً جديداً، وخطيراً، في لوحة الصراع الدولي في بداية القرن الحادي والعشرين. فلأول مرة في التاريخ الحديث، تحارب الدولة المهيمنة عالمياً أكثر دول العالم تخلفاً وفقراً وبنى تحتية، دون قيام أي دليل على تورط هذه الدولة …”أفغانستان” التي بعد عشرات الآلاف من الأميال بحادث إرهابي استهدف مدنيين أمريكيين. ويدور حديث ومنذ الأيام الأولى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في نيويورك وواشنطن، بأن تنفيذ تلك الأعمال الوحشية وحسبما أوضحته شاشات التلفزة العالمية التي تابعت ذلك الحدث الإرهابي منذ لحظاته الأولى “هل هي مصادفة كيف ولماذا” أن السيناريو الذي ظهرت فيه تلك الأعمال تخرج عن الإمكانات التقليدية للأدوات المادية المتاحة لتنظيم القاعدة في ممارسة عملياته.
ومع الأخذ بصحة الاتهام الأمريكي الذي وجهته الدوائر الأمريكية لتنظيم بن لادن بالمسؤولية عن تلك الأحداث، فإن التنفيذ لا يعني التخطيط. ففي كل عمل إرهابي، هناك جهة تحدد الهدف أو الأهداف، وهناك جهة ثانية تضع الخطة وجهة ثالثة تتولى التنفيذ. أي أن الجهة التي تقوم بتنفيذ الأعمال الإرهابية ليست هي الجهة التي تتولى وضع الخطة، أو تحديد الهدف. وهذه الحقيقة ترقى إلى مستوى البديهيات في الفكر السياسي والاستراتيجي الذي يرصد هذه الظاهرة الإرهابية المعادية للسلام وللشرعية الدولية، وبالتالي فإن تنفيذ تنظيم القاعدة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، لا يعني بالضرورة أن ذلك التنظيم هو الذي وفر للمجموعة المنفذة تلك التسهيلات التقنية، والاستخبارية الأمريكية للسيطرة على الطائرات المدنية الأربع، أو امتلاك الشيفرة الأمنية في سهولة الحركة المكشوفة للمجموعة في تنفيذ المخطط المرسوم لأحداث سبتمبر خاصة في أفغانستان طائرة مدنية واحدة مماثلة لتلك التي وضعها مخطط الحديث الإرهابي تحت تصرف مجموعة “القاعدة”.
بعد ذلك الحدث بنحو أسبوع، بدأت تتكشف الحقائق شيئاً فشيئاً عن الجهات التي تقف وراء المخطط. وظهرت المفاجأة الأولى المدوية، وهي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية كانت على علم مسبق منذ يوليو، أي قبل شهرين من وقوع الأحداث، بوصول أعضاء مجموعة “القاعدة” إلى الولايات المتحدة تحت سمع تلك الأجهزة الاستخباراتية وعدساتها السرية المزروعة في المطارات الأمريكية.
في هذا الكتاب، وكشفاً للحقائق ولخلفيات الحرب الراهنة في أفغانستان، عمد الكاتب إلى متابعة فصول هذه الحرب الإرهابية منذ الخامس والعشرين من نوفمبر ” ” وقبل سقوط قندهار معقل حركة “طالبان” ونشر بعضها على حلقات في صحيفة “أخبار العرب” التي تصدر في أبو ظبي وها هي ذي الآن تنشر على صفحات هذا الكتاب وذلك لوضع القارئ أمام الحقيقة التي حاول الأميركيون إخفاءها عن طريق استغفال وتهميش الوعي العالمي.


