إيتيقا الصحّة وفلسفةُ المرض : مقاربات تأويليّة

إنّ وضع ثنائيّة المرض والصحّة في سياق إيتيقيّ يدفع التحليلَ الفلسفيّ إلى تفكيك القاعدة الأنطولوجيّة التي تستند إليها تلك الثنائيّة. في المرض حضور وفي الصحّة غياب. ففي المرض ينشأ سؤال الوجود مرتبطًا بالأنا بقوّة، سؤال المريض حول طبيعة وجوده الجوهريّ حيث ينهار كلّ وجود من حوله ويبقى وحيدًا في مواجهة ذاته. لماذا أنا مريض؟ هكذا تتمركز قيمٌ مختلفة في نواة الذات الأساسيّة، لا ترتبط بالضرورة بالمجتمع أو بالعلم والطبّ بالخصوص. يمثّل المرض وضعًا استثنائيًّا في حياة الناس كما يمثّل وضعًا دائمًا لدى ذوي الأمراض المزمنة، وعليه فإنّه وضعٌ بيولوجيّ يربطُ الوجودَ بالزمن، فتكون الحياةُ زمنًا تتفاوض فيه الذاتُ مع مرضها لاكتساب مزيدٍ من الزمن، وقد يصل التفاوضُ إلى تمديد الحياة إلى مرحلة ما بعد الشيخوخة كما هو الحال في التمديد الجينيّ للأعمار، في حدود تقنية الجينوم طبعًا. بينما يمثّل الموتُ نهاية التفاوض الأنطولوجيّ ونهاية العقد الأخلاقيّ بين الحياة والذات بحيث تُنهي الحياةُ كلّ الآلام والمعاناة الناشئة من الأمراض بينما تُنهي الذاتُ كلّ أشكال وجودها الماديّ والقيم المرتبطة به.
من المقدمة
الناصر عمارة : أستاذ التعليم العالي بجامعة مستغانم (الجزائر ) يشتغل على الفلسفة الغربية المعاصرة، فلسفة التأويل، الحجاجية، فلسفة اللغة، هيدغر، بول ريكور، والإيتيقا. يدير فرق بحث متعدّدة في التأويليات والأخلاقيات والفلسفات المعاصرة.

المؤلف

الناشر

الغلاف

ورقي

لغة الكتاب

عربي